المقدمة

كلمة إلى الخريجين

ليست المدرسة مجرّد مكان يقضي الإنسان سنوات من رحلة تكوينه الأولى فيها، فينقطع وينفصل عن ذلك المكان بعد تخرّجه، بل هي جزء يظلّ حاضراً في العقل والوجدان، وكيف لا تكون كذلك وفيها يتشكّل الوعي والضمير، وتُبنى الشخصيّة وتنمو عاماً بعد عام حتى تصير على قدر اقتحام الحياة بآفاقها ومعتركاتها.

وإذا كان هذا حال كلّ مدرسة، فإنّ حال مدرستنا مع خريجيها أكثر تميّزاً وارتباطاً، فمدرسة الأمير حمزة بن الحسين تتجاوز ذلك الخيط الذي يُمكن أن يتوهّمه النّاس بين جدرانها وجدران الحياة، فخريجوها جزء دائم منها، ينطلقون منها محمّلين باسمها وإرثها وأمانتها، ينطلقون في مدارات الحياة صُعداً وفي المركز؛ مركز القلب والعقل والوجدان تسكن مدرستهم، يعرّفون أنفسهم بها، ويُعرفون بها، لا يعودون إليها فهم لا يغادرونها، تظلّ حاضرة العين والفؤاد.

ولا يقتصر هذا الارتباط معكم أيّها الأحبّة الخريجون على روابط المشاعر والوجدان، بل يمتدّ إلى روابط واقعيّة، فها أنتم الحاضرون دوماً في مسيرتها ونشاطاتها، فكم من طالب وطالبة عاد إليها معلّماً يستكمل دورة العلم والحياة، فيعطي كما أخذ. وكم منكم يعود إليها بل يستكمل دروه فيها ليحمل أمانة الإرث الشركسيّ فنّاً وإبداعاً وجمالاً. وكم منكم من يعود إليها بروح أبنائه فيستكمل الانتماء جيلاً إثر جيل.

أنتم أيّها الخريجون عنواننا ودليلنا، تبحرون في الفضاءات شهوداً على مدرستكم، رافعين شعار مدرستكم واسمها وتاريخها تاجاً فوق رؤوسكم، ففيكم يقال:

إذا رأيت في ثرى الأردن فخراً وعزا

وإذا أبصرت في ذرا الأردن رمحاً وركزا

فلا تعجبنّ ولا تسألنّ هذا الذي ترى خريج حمزا ( ة)